لقد كانت لبيزنطة التي تحمل إرث الإمبراطورية الرومانية علاقات عِدَّة مع العالم العربي - الإسامي، لم تنحصر فقط في تاريخ الكراهية والصراع. فإنْ كانت التصورات المُتبادلة قد أُنتجتْ في اليوم الأول من الحرب، فإن العلاقات فيما بعد سيطبعها جانب مهم من التبادلات الرسمية والتعايش، والتي تجد طريقها من خلال المراسلات بين الملوك والأمراء، وما يطبع مناطق التخوم من احتكاك مستمر كافتداء الأسرى والانتقال بين الجانبين، إضافة إلى السفر، والتجارة. لقد تناول عدد كبير من الدارسين جوانب مختلفة من صورة البيزنطيين وصورة العرب والتبادل بين الطرفين؛ بيد أنَّ "اللغة" ظلتْ مُغيَّبة عن البحث والتقصي، وهو ما سنحاول التطرق إليه في هذا المقال الذي يمكن عدّه بحثاً في تاريخ الذهنيات، إذ يسمح بفهم آليات التوظيف اللغوي العربي عند الحديث عن الآخر وأثر المُتخيل في ذلك. تتحدَّد إذًا الإشكالية التي سنتناولها في هذه الدراسة في السؤالين التاليين: كيف عبّ العرب من خلال اللغة عن الآخر البيزنطي؟ وما هي الكلمات والمصطلحات التي استعملها العرب للحديث عن البيزنطيين؟