تحاول هذه الدراسة النظر في الدراسات المعاصرة عن المعطيات المتوافرة عن المعتزلة في العصر العباسي، وتتقصى محاولة فحص تلك المعطيات من أجل رؤية إذا ما كانت تجيز لنا اعتبار الاعتزالية نموذجًا تاريخيًا عن وجود فضاء فكري عام واشتمالي عابر للأديان والطوائف يتجاوز حدود الانتماءات الدينية التقسيمية والمغايرة. وتحاول أيضًا أن تقترح أنه إذا كانت فكرة الاعتزال قد طمحت إلى تجاوز الانتماءات الدينية، وإن كانت كلمة "معتزلية" تسمى حالة تآلف عقلاني وفلسفي - لاهوتي معيّن طمح إلى تجاوز الانتماءات الدينية المتنوعة من دون أن يجبر أنصار هذا التآلف (المعتزلة) على التخلي عن إيمانهم الديني أو التحول إلى أشخاص لادينيين، فإنه يمكن المرء أن يتحدث عن "معتزلية مسيحية"، أو عن ظاهرة كلامية معتزلية تتفشى ضمن المسيحية، مثلما نتحدث عن "معتزلية إسلامية" و"معتزلية يهودية".