قد يُنظر إلى قتل حُجر بن عَديّ الكِندي على يد معاوية بن أبي سفيان، في عام 51ه/ 671م، على أنه أنموذج من حوادث أضحت معتادة لإعدام معارضين سياسيين في التاريخ الإسلامي. بيد أنّ هذه الحادثة كانت الأولى من نوعها التي يقوم فيها خليفة المسلمين بقتل بعض أفراد الأمة بناءً على مواقفهم السياسية، وهو ما جعل الموقف منها من الموضوعات المميِّزة لبعض الفرق الإسلامية. وتعرض هذه الدراسة الأخبار المختلفة حول هذه الواقعة في المصادر الإسلامية الوسيطة، من أجل التعرف إلى طرق تناول المؤرخين المسلمين، من أهل السنة تحديدًا، الوقائع التي اشترك فيها صحابة الرسول محمد، وذلك بحسب تعريف الإسلام السني للصُحبة. كما تعرض الدراسة، من خلال تحليل "فتوى" معاصرة عن مقتل حجر، أنموذجًا لعملية قراءة التاريخ الأيديولوجية، مبيِّنةً في الوقت ذاته أهمية العلوم الإسلامية الأخرى لدراسة التاريخ الإسلامي، إذ تداخلت هذه العلوم مع عرض التاريخ وتفسيره، كما حددت له مجموعة من التصورات قرأ مؤرخو الإسلام في ضوئها التاريخ الإسلامي الباكر.