تتناول هذه الدراسة مساهمة الجوانب الدبلوماسية في نجاح المشروع التحرري لزعيم ثورة الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتفسر انتصاراته وتفاعلاته مع الرأي العامّ العالمي، على نحوٍ جعله رمزًا تحرريًا عالميًا; فهو لم يكن زعيمًا قبَليًا على غرار سائر زعماء حركات المقاومة المغربية، بل كان رجل دولة يتميز بخبرة ودربة دبلوماسيتين تقتضيان وجوب سير الفعل الدبلوماسي في خطٍّ موازٍ للعمل العسكري. وقد حظيَ كلّ من عمل الخطابي الدبلوماسي وعلاقاته الخارجية بأهمية بالغة في مشروعه التحرّري، انطلاقًا من إيمانه الكبير بأهمية الدبلوماسية في التعريف بالقضية الريفية ونجاح مشروعه التحرري. فقد عمل على تكثيف الاتصالات مع عدة شخصيات عالمية وأطراف دولية; لكسب الدعم والتأييد، وإثارة القضية الريفية في مختلف العواصم الأوروبية. إضافةً إلى ذلك، تفطَّن الزعيم الريفي إلى الدور الكبير الذي يضطلع به الإعلام في العملية الدبلوماسية، وإلى قدرته على تحقيق تواصل آنيٍّ ولحظيٍّ مع جمهور عريض، وإيصال الرسالة الدبلوماسية إلى أكبر عدد من المتلقين; ومن ثمّة المساهمة في توجيه الرأي العامّ وتكوين المواقف المؤيدة. وترجع هذه النظرة العصرية للنضال التي اعتمدها الزعيم الريفي إلى مؤهلات وقدرات جعلته يمتلك كاريزما حقيقيةً. فقد اقتحم العمل السياسي وهو في ريعان شبابه، واحتكّ مباشرةً بحقائق الحياة السياسية في بيئته، فضلًا عن تكوينه المتنوع، وممارسته وظائف تعليميةً وقضائيةً، واشتغاله بالصحافة، واحتكاكه بوسائل الإعلام.