في خريف عام 1850 قررت الدولة العثمانية أن تنفذ إصلاحات إدارية أعلنتها في خط "غولخانه" في 1839. كانت حلب مجال اختبار اثنين من أشدّها كراهة في بلاد الشام: فرض ضريبة "الفرده"، وإجراء قرعة تجنيد أبناء المدينة والريف. تزامنت هذه الإجراءات مع تنامي الدور الاقتصادي الأوروبي، وصعود طبقة رجال الأعمال الكاثوليك في المدينة. أخذ الاحتجاج الذي قاده أبناء الضاحية الشرقية ضد تلك الإجراءات بعداً دينياً، أول مرة في تاريخ المدينة. فقد أغارت الجموع على الأحياء ذات الأغلبية المسيحية، ونهبت ممتلكاتها وحطمتها، وأحرقت بعض الكنائس، وأوقعت القتلى. لم يسيطر العثمانيون على المدينة إلاّ بوصول تعزيزات ضخمة، دمّرت بها الأحياء الثائرة. لا تنكر هذه الدراسة الطابع الطائفي لهذه الحادثة ظاهريًا، ولكنها تنتقد تفسير هذه الحوادث ب "العداء المستحكم" بين المسلمين والمسيحيين، وتقدّم عرضًا لتاريخ الجماعة المسيحية وتفاعلها في الفترة العثمانية. كما ترفض عزل هذه الحادثة تأريخيا عن الاضطرابات التي عرفتها حلب منذ 1770، كونها قد اصطبغت بلونٍ ديني فحسب، وتنبّه إلى أنماط الاستمرارية والانقطاع في الاحتجاج وممارسة العنف في المدينة.