الماء والمقدّس في شمال أفريقيا خلال المرحلة الرومانية

​قدّس سكان شمال أفريقيا المياه في شتى أشكالها منذ بدايات الحقبة القديمة، لاعتقادهم أنها تحتضن عددًا من المعبودات القادرة على حماية المياه العذبة وضمان استمرار تدفقها، فضلًا عن قدرة بعضها على شفاء المرضى وتحقيق الخصوبة التي يرجوها سكان المدن والأرياف على حد سواء. وخلافًا للمتوقع، استمرت عبادة الآلهة المحلية في أثناء المرحلة الرومانية رغم انتشار المعبودات ذات الأصول الإغريقية - الرومانية. فقد أثبتت الدراسات التاريخية والأثرية فشل عملية التوفيق الرومانية، بل إمكانية حدوث ما يمكن تسميته التوفيق الأفريقي، القاضي باحتواء الآلهة المحلية بعض الآلهة الرومانية، من دون أن تترك أثرًا في الأولى، باستثناء الشعار المستعار من الإله الروماني، كما هو الشأن بالنسبة إلى النحت الخاص بمعبود محلي في ألثيبوروس، الذي جمع ما بين الرُّمح الثلاثي الرؤوس لإله البحر نِبْتُونُوس والثعبان الملتف حول العصا لإله الطب أيسكُولابيوس. وأظهرت أيضًا بعض المعبودات الإغريقية - الرومانية تكيفًا مع الواقع الأفريقي؛ فقد تحوّل نِبْتُونُوس من إله للبحر في المناطق الساحلية إلى إله للمنابع في المناطق الداخلية، وذلك بسبب حاجة السكان إلى إله قادر على حماية مواردهم المائية الجوفية والسطحية، وتطابقه مع واقع ديني قائم قبل المرحلة الرومانية.

حمّل المادة حمّل العدد كاملا الإشتراك لمدة سنة

ملخص

زيادة حجم الخط

​قدّس سكان شمال أفريقيا المياه في شتى أشكالها منذ بدايات الحقبة القديمة، لاعتقادهم أنها تحتضن عددًا من المعبودات القادرة على حماية المياه العذبة وضمان استمرار تدفقها، فضلًا عن قدرة بعضها على شفاء المرضى وتحقيق الخصوبة التي يرجوها سكان المدن والأرياف على حد سواء. وخلافًا للمتوقع، استمرت عبادة الآلهة المحلية في أثناء المرحلة الرومانية رغم انتشار المعبودات ذات الأصول الإغريقية - الرومانية. فقد أثبتت الدراسات التاريخية والأثرية فشل عملية التوفيق الرومانية، بل إمكانية حدوث ما يمكن تسميته التوفيق الأفريقي، القاضي باحتواء الآلهة المحلية بعض الآلهة الرومانية، من دون أن تترك أثرًا في الأولى، باستثناء الشعار المستعار من الإله الروماني، كما هو الشأن بالنسبة إلى النحت الخاص بمعبود محلي في ألثيبوروس، الذي جمع ما بين الرُّمح الثلاثي الرؤوس لإله البحر نِبْتُونُوس والثعبان الملتف حول العصا لإله الطب أيسكُولابيوس. وأظهرت أيضًا بعض المعبودات الإغريقية - الرومانية تكيفًا مع الواقع الأفريقي؛ فقد تحوّل نِبْتُونُوس من إله للبحر في المناطق الساحلية إلى إله للمنابع في المناطق الداخلية، وذلك بسبب حاجة السكان إلى إله قادر على حماية مواردهم المائية الجوفية والسطحية، وتطابقه مع واقع ديني قائم قبل المرحلة الرومانية.

المراجع