حظي اليهود خلال القرن التاسع عشر بمختلف ضروب الرعاية والاهتمام من السلاطين المغاربة، ومن الهولنديين على السواء؛ إذ تمتعوا بشتّى أصناف الامتيازات، وخصوصًا التجارية والعقارية منها. وقد أهّلهم لذلك درايتهم العميقة بأمور الحساب وإلمامهم الكبير باللغات الحيّة؛ ما دفع السلاطين إلى انتقائهم دون غيرهم ليكونوا لهم وسطاء تجاريين بينهم وبين التجّار الأوروبيين والهولنديين بوجهٍ خاصّ. وقد سطع نجم عدّة أسر يهودية في ميدان التجارة بالمغرب كأسرة پلاش Pallache، في مطلع القرن السابع عشر، وأسرة طوليدانو Toledano خلال عهد السلطان مولاي إسماعيل العلوي (1682-1727)، وأسرتَي آل مقنين وابن دلاّك خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وسنحاول في هذه الدراسة تسليط الضوء على الدور الريادي الذي أدّاه اليهود المغاربة في الوساطة التجارية بين المغرب وهولندا خلال القرن التاسع عشر، مستفيدين من الخصوصية التي خصَّهم بها السلاطين المغاربة، والتي جعلتهم يتبوؤون منزلة رفيعة ليس في المجال التجاري فحسب، وإنّما أيضًا في المجال الدبلوماسي.