هذه الدراسة هي مساهمة في إزاحة السِّتار عن هُوية مُؤَلِّف كتاب مخطوط يقبع في إحدى الخزانات المغربية العريقة مُنذ قُرون، عنوانُه: تأليف في طبيعة الخيل وأنواعها المختلفة وأفعالها. وقد كُتِبَ بأوّلِه أَنَّ مُؤَلِّفَه هو: الحكيم أندراد الإشبيلي. ولا تُعْرف من الكتاب إلا ثلاث نسخ خطية. والكتاب المخطوط يشتمل على مُقَدِّمة، يُرَى فيها اسمُ الكتاب، واسمُ مُؤَلِّفِهِ، كما يَرِدُ فيها تصريح المُؤَلِّفِ بمنهجه، وبِأَنَّهُ سَيُقَسِّمُ كتابه إلى قسمين. يُستفاد من طالعة المخطوط أنّ مُؤَلِّفَه كَتَبَهُ بالأعجمية، وأنّ النُّسْخة التي بين أيدينا ليست إِلاّ ترجمة عربية للكتاب. وقد كان يُعتقد أنّ مؤلف الكتاب، الحكيم أندراد الإشبيلي، هو: الإمام الفقيه الحكيم أبو القاسم محمد بن محمد الأموي المعروف بابن أندراس، مِنْ أهل مُرسية، المتوفى بتونس سنة 674 ه/ 1276 م. في هذه الدراسة سنثبت أنّ مؤلف الكتاب هو غير ابن أندراس؛ فبحسب مخطوطاته الثلاث، فإنّ مُؤَلِّف الكتاب هو الحكيم أندراد الإشبيلي، والرّاجح أنّ مولده كان بإشبيلية. وثَّمة في كتابه الذي بين أيدينا ما يُشر إلى أصله الأندلسيّ الإسباني. ومع ذلك، فإنّ هُوية المؤلِّف ظلت غير واضحة بما فيه الكفاية. وانطلاقًا من هذا الفرض، مضى بنا البحث في كتب البرتغاليين والإسبان فأوصلنا إلى الحكيم أندراد الإشبيلي مُؤَلِّف كتاب في طبيعة الخيل، فلم يكن هذا الحكيم إِلاَّ بِدْرُو فِرْنَانْدِيث دِي أَنْدْرَادَى Pedro Fernandez de Andrada مُؤَلِّف كتاب: De la Naturaleza del Caballo، وترجمته هي كالآتي: في طبيعة الخيل، وهو الكتاب الإسباني الذي طُبِعَ في إشبيلية عام 988 ه/ 1580 م.